الفصام العقلي معناه “التـَّفسـُخ والانقسام في العقل” وفي “مكونات الشخصية” التي هي حصيلة انسجام بين الأفكار، والوجدان، وبما فيها من مشاعر وأحاسيس تعبر عن نفسها في شكل أفعال وأقوال وسلوكيات وتصرفات، فكل تلك العناصر تكون ما يسمى “بالشخصية”.
أي أنه خلل يظهر في تكوين الشخصية وترابطها، وليس وجود أكثر من شخصية في الشخص الواحد كما هو مشهور بين العامة أو في أفلام السينما على أنه حالة من حالات الشخصية المزدوجة أو من تعَدُد الشخصيات، إنما لهذه الأعراض تفسيرات وتشخيصات أخرى سيأتي شرحها ببعض التفصيل فيما بعد، وهي نادرة الحدوث كما أنها بعيدة كل البعد عن مرض الفصام العقلي.
ويعتبر الفصام مرض معروف منذ القدم، وقد تم وصف أعراضه وتوصيفه منذ أكثر من مائة عام حيث كان يوصف بالخَرف المبكر، كما يعتبر مرضاً من أخطر الأمراض النفسية والأصعب في العلاج، وهو ليس نوعًا واحدًا من المرض، بل هو عبارة عن مجموعه متنوعة من الأعراض العقلية والسلوكية تؤدي إلى تشخيص أنواع متعددة من الفصام. كما أن الفصام العقلي قد يتواجد مثله مثل كل الأمراض النفسية الأخرى مع أي مرض بدني آخر أو حتى مع أعراض الأمراض النفسية الأخرى كأعراض الاكتئاب، والهوس والقلق النفسي.
وهو مرض عقلي من الدرجة الأولى حيث أن الخَلـَل الرئيسي فيه يكون خَلـَلا في الأفكار والمعتقدات وما يترتب على ذلك من سلوكيات غريبة تدمـِّر الشخصية وتخرج بالمريض من عالم الواقع لعالم خاص به ملئ بالوهم والخيال.
ومرض الفصام ليس خللًا في الذكاء وإن كان يؤثر على مستوى الأداء العام، فقد يكون المريض الفصامي من المتميزين في الذكاء، وقد يساعده ذكاءه في التخلص من المرض بمتابعة علاجه الأمثل أو قد يكون سببًا في المزيد من الكوارث في حالة إخفاء أعراض المرض، أو قد يسبب نظرة العامة له على أنه حالة من العبقرية.
وقد تظهر أعراض مرض الفصام العقلي بشكل متـَخـَفٍ وتدريجي على مدى شهور أو سنوات ثم تكتمل فجأة، أو أنها تظهر سريعًا في خلال أسابيع من التغيرات، أمَّا أن تظهر مثل تلك الأعراض فجأة بين عشية وضحاها فهذا يوجهنا لخطورة وجود خلل عضوي واضح مثل أورام المخ أو اضطراب حيوي حاد في أجهزة الجسم مما يحتاج للتدخل الطبي السريع. وتختلف الأعراض من حيث الشدة والحدة والتأثير العام على الشخصية على حسب نوع الفصام، ومن حيث المدة الزمنية التي استمر فيها المرض قبل العلاج، وعلى شخصية المريض قبل ظهور الأعراض كما تفسـِّر هذه الأعراض ما قد يعتري المريض من عدوانية وعنف وهياج أحيانًا ليصل لحالة من التدهور في كل جوانب حياة المريض.
وتشير الإحصائيات في أماكن مختلفة من العالم أن نسبة تواجد مرضى الفصام تكاد تكون ثابتة في كل المجتمعات من بدوٍ وحضر، وتقع في معدل ما بين (1 % إلى 2%) من مجموع السكان في أي زمان ومكان، كما نجد من الأعراض ما هو متطابق في كل أنحاء العالم ومنها ما قد يتلون ويتأثر بما يتواجد في كل بيئة من أفكار وتقاليد وثقافة وخرافة وأسلوب حياة.
ومن الجدير بالذكر، أن مرض الفصام قد يؤدي إلى خلل عقائدي، وإلى كوارث اجتماعية وإنسانية لا يُستهان بها.